الأربعاء، 4 فيفري 2009

رسالة من محاصر الى غزّة

بعد ان شاهدت ما شاهدت من دماء و اشلاء على شاشة التلفاز
استيقظ قلبي للحظة , و قرّرت ان اكتب هذه الكلمات
لا لشيئ ..
سوى لواجب الكتابة فقط ..
فكّلما رأيت رجل طفل مرمية على الارض ..
و بقع دماء تزّين ارصفة غزّة ..
شعرت أنّه من الوجاب إسالة بعض الحبر ككل مرّة …
عفوا يا غزّة .. لست انا من يقول دمي دون دمك ..
لدى .. سأكتفي بحبري فقط .

ارفع قلمي عاليا… لا لعزف الرّصاص في وجه بني صهيون ..
ارفعه فقط لأكتب رسالة إعتذار لحبيبتي غزّة ..
عفوا يا غزّة… لست أنا من يعزف برشّاش أبيّ .

قرأت رسالتها الأخيرة , و يا لها من رسالة ..
غزّة تطلب منّي فك الحصار عنها

و اكتب اليوم هذه الكلمات لأبعتها لحبيبتي غزّة ..
أقول فيها :

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عزيزتي غزّة …
قرات رسالتك الأخيرة بشوق و أسى على حالتك ,
و يؤسفني ان اقول لك ..
طلبك صعب و مستحيل ,
لا استطيع المجيئ لرؤيتك و لا لنصرتك ..
انا محاصر يا غزّة , فكيف سأفك الحصار عنك ..
انا لو ذهبت للمطار و سألتهم عن خط غزّة
لحسبوني مجنونا او بي حمّة ..
اقولها و قلبي يتقطّع ألما …
لا نملك خط نقل لغزة .. و لهذا ساكتفي بخط الهاتف فقط .
انا لو قلت لهم جهّزوني و ايتوني برشّاش إنّي نافر لغزّة .. لأخذوني لأقرب مركز شرطة ..
و لزفّوني عريسا ببدلة برتقالية ..
عفوا يا غزّة انا جبان و محاصر…
و لا استطيع تحمّل سجن آخر لاجل حبيبتي غزّة ..
لقد فرّقونا لقبائل و شيعا و جعلونا طرائق قددا….
إنّها الحدود يا غزّة ومعاهدات دولية فرضت علينا
و عليّا احترامها كأي مواطن يعيش في دولة القانون .

حبيبتي الغالية .. اريد ان اصارحك ..
نحن لو قطع عنّا الخبز لثرنا جموعا و فرادا و لهدّدنا و توعدّنا بل لو قطع عنّا السمّ القاتل لتوقفت عقارب السّاعة
و لأظلمت الدّنيا في وجوههنا ….
لو اغتصبت غزّة نحزن لساعة ثم نطمر العار بتراب النّسيان ,
… نثور على رغيف خبز و سيجارة و لا نبالي لعرض عزّة ..
نحن يا غزّة نحمل السّلاح لأجل كرة ..
نقطع الطّريق من أجل لتر ماء ..
نزهق روحا من اجل هاتف نقّال ..
نحرق ولاية من اجل وثيقة مسؤول .. ..
لكن من اجل حبيبتي غزّة ..
نكتفي بوجه عبوس لسويعة ..اثناء بث النّشرة الإخبارية .. ,

حبيبتي غزّة لم استطع فكّ الحصار عن نفسي
و لا قومي استطاعوا , فنحن مغلوب على امرنا ..
و لكن سنثور يا غزّة و سنظهر لإسرائيل اي رجال نحن ..

سنخرج غدا في مسيرات حاشدة لنتعب اصواتنا
و نتغنّى باناشيد وطنية
و نرفع شعارات على خرق من قماش بالي..
سيظهر السّلطان ليشجب و يستنكر ,
و يدعوا دول العالم للوقوف بجانبك يا غزّة .
سنجمع لك مليون توقيع من النت لنعبّر عن دعمنا لك يا عزّة ..
ستغنّي لك نانسي و هيفاء و تامر
و تنتج لك روتانا بأمر من مماليك الخميج ….
ستفتح مصر المعبر لتستقبل الأشلاء و الجثث ….. ..

أعذرينا يا غزّة فهذا هو الجهد …
و نستسمحك عذرا يا غزّة فنحن محاصرون

غاليتي غزّة .. عجبا لك .
أتطلبين منّى النّصرة .. ,
أتطلبين من الأموات نصرة الأحياء
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
انتم الأحياء ونحن الأموات يا غزّة ,
انتم الأحرار و نحن المحاصرون
انتم الطّلقاء و نحن المسجونون
انتم من يعيش فوق الارض و نحن كالنعام دسسنا رؤوسنا تحتها

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
و الله يا غزّة ….
نتمنّى من كل قلوبنا ان نتحرّر من حصارنا و نلحق بكم
….. نتحرّر من ديارنا لنبيت بشوراع غزّة ..
نتحرّر من صمتنا لنسمع دوّي المدافع بثغور غزّة
و صيحات التّكبير و زغاريد النّساء من أهالي غزّة..
نتحرّر من جبننا لنصبح رجالا
نتحرّر من تخمتنا لنجوع جوعتا في سبيل الله ,
ادعوا لنا يا ابناء غزّة ..
ادعوا لنا لعلّ الله يرفع عنّا الحصار .

الغاليّة غزّة ..
أتمنّى ان تكون هذه آخر رسالة اكتبها لك ..
و اطلب منك على استحياء ان تتوقّفي من الكتابة لي .
لا داعي لإحراجي في كلّ مرّة , فما باليد حيلة
فرسائلك كالسّم تطعن في رجولتي
نفذ ماء الوجه … و نفذت الاعذار
انا محاصر ياغزّة محاصر …..

حبيبك الغالي مسلم محاصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق